الجمعة، 30 نوفمبر 2018

اكتشاف آثار في الجزائر عمرها 2.4 مليون سنة !

إكتشاف آثار في الجزائر عمرها 2.4 مليون سنة !

إكتشف علماء الآثار أدوات حجرية وعظام حيوانات بالجزائر في منطقة "عين الحنش" التابعة لولاية سطيف، عمرها كانت 2.4 مليون سنة كانت تستخدم في القطع. ما يثير تساؤلات حول اللقب الذي حصل عليه شرق إفريقيا، لكونه مهد الإنسانية الأول وأن أصل البشر كان هناك.

ووفق ما نشرته مجلة Science يوم الخميس 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، اكتشف فريق من الباحثين العالميين يضم جزائريين، هذه الأدوات -التي تعد أقدم ما اكتُشِف في المنطقة حتى الآن- بمنطقة سطيف التي تقع على بعد 200 ميل (300 كيلومتر) شرق الجزائر العاصمة.

أدوات تشبه الأولدوانية تشبه الأدوات بشدةٍ تلك المسماة «الأولدوانية-Oldowan»، التي وُجِدت حتى الآن في شرق إفريقيا بشكل رئيسي. وعُثِر على الأدوات بجوار عشرات من عظام الحيوانات التي تحولت إلى حفريات واحتوت على علامات قَطع، كما لو كانت آثار قصابين من عصور ما قبل التاريخ.

وتعود العظام إلى حيوانات مختلفة، تتضمن أسلاف التماسيح والأفيال وأفراس النهر.

ذكر تقرير مجلة Science أن «منطقة شرق إفريقيا تعتبر إلى حد بعيد، موطنَ استخدام الأدوات الحجرية من قِبَل أجدادنا البشر القدامى، والتي يعود تاريخ أقدم الأمثلة عليها إلى 2.6 مليون سنة تقريباً».

ويضيف التقرير أن «النتائج الجديدة تجعل من عين بوشريط أقدم موقع أثري في شمالي إفريقيا. حيث يوجد بالموقع دليل على استخدام لحوم أشباه البشر وأدوات حجرية مرتبطة بها، وتوحي بإمكانية اكتشاف أماكن مبكرة أخرى خارج صدع شرق إفريقيا».

وهناك فرضية تقول إن الأسلاف المبكرين لبشر اليوم قد حملوا معهم أدوات حجرية إلى خارج منطقة شرق إفريقيا، واتجهوا نحو مناطق أخرى من القارة.

وهناك فرضية أخرى هي «سيناريو تعدُّد الأصول»، وهو أن يكون البشر الأوائل قد صنعوا الأدوات واستخدموها في كل من شرق إفريقيا وشمالها.

وعُثر على الاكتشافات في طبقتين: الأولى يعود تاريخها إلى 2.4 مليون سنة مضت، والثانية يعود تاريخها إلى 1.9 مليون سنة. وتشير النتائج إلى أن أجداد البشر الحاليين كانوا موجودين في شمال إفريقيا قبل الزمن الذي اعتقده العلماء بـ600.000 عام على الأقل.

وأن أقدم الأدوات المعروفة التي اكتُشفت حتى الآن في شمال إفريقيا، يصل عمرها إلى 1.8 مليون سنة، وعُثر عليها في موقع قريب.

في حين لم يتم العثور على بقايا بشرية، وعليه فإن العلماء لا يعرفون نوع الكائنات الشبيهة بالبشر التي كانت موجودة بالموقع. أو أجداد الجنس البشري العاقل (الذي ظهر بعد ذلك بكثير)، الذين استخدموا تلك الأدوات.

وقد تولى عملية الحفر خبراء من مؤسسات بحثية بإسبانيا والجزائر وإستراليا وفرنسا. قالت الدراسة: «والآن بعدما ظهرت آثار أولدوانية يُقدَّر عمرها بـ2.4 مليون سنة في منطقة عين بوشريط، قد تكون منطقة شمال إفريقيا والصحراء مستودعاً للمزيد من المواد الأثرية». وأضافت الدراسة: «بناءً على إمكانات عين بوشريط والأحواض الرسوبية المتاخمة لها. فإننا نرجّح أنه من الممكن أيضاً اكتشاف حفريات أشباه البشر وأدوات أولدوانية في شمال إفريقيا يصل عمرها إلى نفس عمر تلك المسجلة في شرق إفريقيا».

وموقع عين الحنش (عين لحنش)، بولاية سطيف، هو ثاني أقدم موقع بالعالم بعد موقع غونا في إثيوبيا، الذي يعود تاريخه إلى 2.6 مليون سنة.

المصدر : The Post.

" للمزيد من التدوينات و المقالات تجدونها في رابط المدونة ".

الأربعاء، 21 نوفمبر 2018

تعرّف على الأمازيغ وتقويمهم الذي يتبعونه..يتحدثون لغتهم الخاصة، ويعيشون في العام 2968!

يتسائل كثيرون، من هم الأمازيغ؟ وأين يعيشون وماهي عاداتهم وتقاليدهم التي يختلفون بها عنّا.

ينسب الأمازيغ أصلهم إلى مازيغ بن كنعان بن حام (شام)، ابن النبي نوح عليه السلام.

وهم مجموعة إثنية يتحدثون اللغة الأمازيغية التي تنتمي إلى عائلة اللغة الأفروسيوية.

ويعد الأمازيغ في المغرب العربي شعباً طيّباً، ولهم عادات وتقاليد مميزة.

من هم الأمازيغ؟

يعيش الأمازيغ في المنطقة الجغرافية الممتدة من واحة سيوة بمصر، إلى جزر الكناري، ومن ساحل البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي جنوباً.

النسبة الأكبر تعيش في (المغرب، الجزائر، ليبيا)، وبنسبة أقل في دول (تونس، مصر، موريتانيا، مالي، النيجر)، وغالبيتهم من المسلمين السنّة.

تسمية الأمازيغ!

عرف الأمازيغ قديماً في اللغات الأوربية باسم موري (mauri) وهي كلمة محرفة عن مغربي.

وكان العرب غالباً يطلقون عليهم اسم البربر أو أهل المغرب، والبربر كلمة عربية لا علاقة لها بالكلمة اللاتينية باربار (Barbare).

وهي كلمة استعملها اللاتينيون لوصف كل الشعوب غير اللاتينية، بما فيها الجرمان وغيرهم، اعتقاداً منهم بتفوق الحضارة اليونانية والرومانية على كل الحضارات.

مع وصول الإسلام إلى شمال إفريقيا، استعرب جزء من الأمازيغ بتبنّيهم اللغة العربية لغة الدين الجديد، وبقي جزء آخر محتفظاً بلغته الأمازيغية.

رأس السنة الأمازيغية!

يحتفل العديد من الأمازيغ وبعض القبائل المعربة برأس السنة الأمازيغية، التي توافق يوم 12 يناير/كانون الثاني من السنة الميلادية.

يوافق 2018 في التقويم الميلادي الحالي عام 2968 في التقويم الأمازيغي، أي بإضافة 950 سنة.

ويطلق على فاتح السنة الأمازيغية الجديدة اسم tiwura useggʷas (أبواب العام).

ويستعمل الأمازيغ الأسماء الغريغورية مع بعض التحريف، غير أن الأمازيغ نسجوا حول تلك الأسماء قصصاً ميثولوجية، وجعلوا منها جزءاً من ثقافتهم.

يعتقد بعض العامة من الأمازيغ أن السنة الأمازيغية تبتدئ بعد تمكن زعيمهم شيشنق من هزم جيوش الفرعون الذي أراد أن يحتل بلدهم.

وحسب الأسطورة فإن المعركة قد تمَّت بالجزائر بمدينة تلمسان.

أما من الناحية التاريخية فإن المؤرخين يعتقدون بأن شيشنق الذي أسس الأسرة المصرية الثانية والعشرين لم يصل إلى الحكم عن طريق الحرب.

بل من خلال ترقيته في مناصب الدولة المصرية الفرعونية، ذلك لأن المصريين القدماء قد اعتمدوا على الأمازيغ بشكل كبير في جيش دولتهم، خاصة منذ عهد الأسرة العشرين.

ويعود أصل شيشنق إلى قبيلة المشوش، وهذه القبيلة قد تكون من ليبيا الحالية، ويمكن ملاحظة بعض التشابه الثقافي بين أمازيغ الجزائر والمشوش.

وفي المغرب قبيلة تحمل اسم تمشوش، قبيلة هي الأخرى معربة، بطن من بطون القبيلة الأم أوربة، قد تكون هي نفس قبيلة المشوش.

يعتقد المؤرخون أن التفسير الأمازيغي العامي ليس تاريخياً علمياً.

فبعض الباحثين يعتقدون أن التقويم الأمازيغي قد يعود إلى آلاف السنين، حتى إنه قد يكون أقدم من التقويم الفرعوني.

قصة سلف المعزة

حسب المعتقدات الميثولوجية الأمازيغية استهانت عنزة بقوى الطبيعة، فاغترت بنفسها وخرجت تتراقص وتتشفى، في شهر يناير/كانون الثاني، الذي انتهى وذهب وذهبت معه ثلوجه وعواصفه وبرده.

وعوضاً عن أن تشكر السماء كانت تتحدّى الطبيعة، فغضب شهر يناير/كانون الثاني، وطلب من شهر فورار (فبراير/شباط)، أن يقرضه يوماً، حتى يعاقب المعزة على جحودها وجرأتها.

وقام بعدها شهر يناير بتهديد العنزة قائلاً: «نسلّف نهار من عند فورار ونخلي قرونك يلعبو بهم الصغار في ساحة الدوار».

وقام يناير بإثارة عواصفه وزوابعه وثلوجه يوم 31، إلى أن لقيت العنزة به مصرعها، ومن هنا جاء التناقص بين عدد أيام يناير/كانون الثاني (31) وأيام فبراير/شباط (28).

وإلى يومنا هذا يستحضر بعض الأمازيغ يوم سلف المعزة، ويعتبرون يومها يوم حيطة وحذر، ويفضل عدم الخروج للرعي 12 يوماً مخافة عاصفة شديدة.

أسماء الشهور الأمازيغية

الشهور الأمازيغية الأصلية القديمة.الشهور الأمازيغية الحديثة المبنية على أرقام الشهور الرومانية.الشهور الأمازيغية الإسلامية بأسماء أمازيغية صرفة.

1) أسماء الشهور الأمازيغية الأصلية القديمة:

هذه هي أقدم أسماء الشهور الأمازيغية الأصلية كما وردت في التاريخ:

Tayyuret Tezwaret = القمر الصغير الأول

- (الشهر 1).Tayyuret Teggʷerat = القمر الصغير الأخير.

- (الشهر 2).Yardut = (معناه مجهول) .

- (الشهر 3).Sinwa = (معناه مجهول).

-(الشهر 4).Tasra Tezwaret = القطيع الأول.

-(الشهر 5).Tasra Teggʷerat = القطيع الأخير.

-(الشهر 6).Awdayeɣet Yezwaren = أبناء الظبي الأول.

-(الشهر 7).Awdayeɣet Yeggʷeran = أبناء الظبي الأخير.

-(الشهر 8).Awzimet Yezwaren = أبناء الغزال الأول.

-(الشهر 9).Awzimet Yeggʷeran = أبناء الغزال الأخير.

-(الشهر 10).Ayessi = (معناه مجهول).

-(الشهر 11).Nim = (معناه مجهول).

- (الشهر 12).(مجهول)

2) الشهور الأمازيغية المشتقة من الشهور الرومانية اللاتينية:

بعض الأمازيغ يسمون هذه الشهور الشمسية الفلاحية iyiren en wakal (شهور التراب، شهور الأرض).

وهذه هي الشهور الأمازيغية المنقولة من اللغة اللاتينية القديمة الرومانية مع تغييرات نطقية أمازيغية عديدة عبر لهجات اللغة الأمازيغية:

-Yennayerأو Yennar = مشتق من IANVARIVS [يانواريوس] الروماني.

-Yebrayer [يبراير] أو Foṛaṛ = من FEBRVARIVS [فيبرواريوس].

-Mares أو Meɣres = من الإله MARS أو شهر MARTIVS [مارتيوس].

-Yebrir أو Jebrir أو Ibri [إيبري] = من APRILIS الروماني.

-May أو Mayyu أو Maggu = من MAIVS [مايوس] الروماني.

-Yunyu = مشتق من شهر IVNIVS [يونيوس] الروماني.Yulyuz = مشتق من IVLIVS [يوليوس] الشهر والإمبراطور الروماني.

-Ɣuct [غوشت] أو Awussu = من AVGVSTVS [آوگوستوس].Cutembir [شوتمبير] = من SEPTEMBER الروماني.

-Ktobeṛ أو Tobeṛ أو Ctobeṛ [شتوبر] = من OCTOBER الروماني.

-Nuwembir أو Wamber = من NOVEMBER [نوويمبير] الروماني.

-Duǧember أو Dujembir = من DECEMBER [ديكيمبير] الروماني.

3) أسماء الشهور الأمازيغية الإسلامية:

طوّر الأمازيغ منذ قرون أسماء أخرى خاصة بهم للشهور الإسلامية تقابل الشهور القمرية العربية الإسلامية.

وهي أسماء شديدة التنوع وتكاد لا تحصى عبر مختلف اللهجات الأمازيغية الشمالية والطوارقية، وهذا بعض منها:

-Babyannu أو Tamessadeq أو Tin Dufan = شهر مُحَرَّم.

-Tallit Seṭṭefet [تالّيت سطّفت] = (الشهر الأسود) شهر صَفَر.

-Tallit Erɣet [تالّيت إرغت] = (الشهر المضيء) ربيع الأول.

-Awhim Wa Yezzaren ربيع الثاني.

-Melɣes [ملغس] أو Awhim Wa Yelkemen = جمادى الأولى.

-Sarat أو Asgenfu en Twessarin = (استراحة العجائز) جمادى الثاني.

-Tiwessarin أو Tinamɣarin [تينامغارين] = (العجائز) شهر رجب.

-Amezzihel أو Asgenfu en Ṛemḍan = (استراحة رمضان) شعبان.

-Tin Oẓomأو Ayyur Oẓom أو Aẓom = (شهر الصوم) رمضان.

-Tissi أو Tafaska Tameckunt = (الشرب/ العيد الصغير) شوال.

-Jar Tfaskiwin أو Tan Ger Madden = (بين الأعياد) شهر ذو القعدة.

-Tafaska Tameqqṛant أو Tafaski = (العيد الكبير) ذو الحجة.


تعرف على أصغر و أكثر ست دول ثراءا في العالم !


يحلم الكثيرون أن يمتلكوا الجنسية الأميركية أو غيرها من جنسيات الدول المتقدمة الغنية، ولكن هناك دولاً أقل شهرة، وربما لم تسمع حتى عنها، ولكن سكانها يعيشون في رفاهية يتمناها حتى سكان الدول الكبرى.

فمن المفارقات أن كثيراً من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي، هي دول صغيرة للغاية لا تكاد تظهر على الخريطة، ولا تمتلك ثروات طبيعية ولم يكن لديها قوة عسكرية لتنهب دولاً أخرى كما فعلت الدول الاستعمارية.

إذ تتسم هذه الدول بقلة عدد سكانها وثرائها في الوقت ذاته، وهي أشبه بجرز صغيرة ممتلئة بالأموال، وتثير الحسد لدى كثير من جيرانها خاصة الفقراء.

يمكن أن نجد أمثلة على ذلك في أوروبا أو في جزر نائية في البحر الكاريبي، بعضها بلدان مستقلة وأخرى تابعة لدول أخرى، حسب ما ورد في تقرير لموقع InfoBaeالأرجنتيني.

إليك ست من الدول الأصغر والأكثر ثراءً في العالم

في هذا التقرير، سنتحدث عن ست مناطق وبلدان صغيرة جداً، ولكن تتميز بارتفاع كبير في الدخل الفردي الإجمالي لدى أفرادها، ولنعرف من أين تأتي هذه الدول الصغيرة بثرواتها الطائلة.

و السمات الرئيسية لها هي امتلاكها مناظر طبيعية جميلة، ولديها ثروات كبيرة، حققتها بفضل طبيعة اقتصادياتها الفريدة الأمر الذي ينعكس على الدخل الفردي لدى سكانها.

1- جزر البهاما: وجهة سياحية مفضلة بسبب هذه الشواطئ

من المعروف أن جنة البهاما تعد واحدة من أكبر الوجهات لقضاء العطلات بسبب شواطئها المذهلة.

 مصدر دخلها الرئيسي هو السياحة، ويقدر عدد سكانها بـ377 ألف نسمة.

كما تعد جزر البهاما إحدى الملاذات الضريبية الشهيرة.

جزر البهاما من أجمل وأصغر دول العالم/ISTOCK

ويبلغ الدخل الفردي الإجمالي في جزر البهاما 22 ألفاً و219 دولاراً.

وهو انعكاسٌ للسياحة وعدد الأشخاص الذين يختارون هذه الوجهة لقضاء العطلات.

2- إمارة أندورا: 34 سائحاً لكل مواطن

تقع أندورا -التي يطلق عليها رسمياً إمارة أندورا- في جبال البرانس في جنوب غرب أوروبا ولا تطل على البحر. 
وحقيقة أنها محاطة بإسبانيا وفرنسا تجعل الإقليم وجهة للسياح للاستمتاع بمزيج من الثقافات.

يبلغ تعداد سكانها 85 ألفاً و470 شخصاً، ويقابل كل ساكن حوالي 34 سائحاً سنوياً.

أندورا تتدق عليها سياحة ضخمة مقارنة بعدد سكانها/ISTOCK

وعلى مساحة 468 كيلومتراً مربعاً، يبلغ دخل الفرد في إمارة أندورا 45 ألف دولار.

ويعود الفضل في ذلك إلى ما يقرب من 300 فندق و400 مطعم تدر دخلاً ضخماً عن طريق السياحة، التي تعد النشاط الرئيسي هناك.

3- أيسلندا: الحيتان والينابيع من أسباب ثرائها

يبلغ عدد سكانها 322 ألفاً و529 نسمة ومساحتها 100 ألف و3 آلاف كيلومتر مربع، وهي واحدة من أقل الدول سكاناً في أوروبا.

في السنوات الأخيرة شهدت أيسلندا نمواً في قطاع السياحة بسبب الشعبية التي اكتسبتها البلاد.

ويعود الفضل في ذلك إلى المناظر الخلابة والينابيع الساخنة الطبيعية، فضلاً عن أماكن مشاهدة الحيتان التي تجذب ملايين الزوار كل عام.

مشاهد الحيتان أحد مصادر الجذب السياحي في أيسلندا/ISTOCK

في المتوسط، تستقبل أيسلندا ثلاثة سياح كل عام مقابل كل فرد من سكانها.

ومع النمو المستمر لاقتصادها، وصل دخل الفرد فيها إلى 52 ألفاً و423 دولاراً.

4- سان مارينو: تنوع اقتصادي يشمل الصناعة والخدمات

هي من أصغر ثلاث دول في أوروبا بعد الفاتيكان وموناكو.

قد  تبدو هذه الدولة الصغيرة نقطة، غير ظاهرة في خريطة العالم، ولكن تاريخها وجغرافيتها تجعلها وجهة فريدة تحتوي على كنوز من جميع الأنواع.

سان مارينو تتمتع باقتصاد قوي قائم على السياحة والصناعة والخدمات/ISTOCK

تتمتع سان مارينو باقتصاد قوي قائم على السياحة والصناعة والخدمات.

هذا هو السبب في أن دخل الفرد هناك يبلغ 62 ألفاً و189 دولاراً، مما يجعل هذا البلد الصغير ضمن أغنى دول العالم على الرغم من مساحة أراضيه بالغة الصغر.

5- برمودا: تتبع التاج البريطاني وتعتمد على السياحة الفاخرة

تتبع برمودا التاج الملكي البريطاني في شمال المحيط الأطلسي.

وتعد السياحة ثاني أكبر صناعة هناك، ويقدر أن حوالي ربع مليون مسافر يتوجه إليها كل عام.

ربع مليون مسافر يتوجه لجزر البهاما كل عام بينما عددها سكان يبلغ 65 ألف نسمة/ISTOCK

مع عدد سكان يبلغ 65 ألفاً و24 نسمة، تمكنت برمودا من جعل السياحة الفاخرة واحدة من الأنشطة الرئيسية التي تُدرّ الملايين كل عام.

 ويسجل دخل الفرد في برمودا رقماً هائلاً، إذ يبلغ 89 ألفاً و795 دولاراً.

6- لوكسمبورغ: ثراؤها ينبع من الصناعة والقطاع المصرفي

نختتم جولتنا بدوقية لوكسمبورغ الكبرى التي تحيط بها فرنسا وألمانيا وبلجيكا.

بفضل موقعها في وسط أوروبا وقربها من البلدان الأخرى التي تعد من أكثر المناطق التي تتم زيارتها في القارة، ازداد تدفق السياح وعدد الزوار بنسبة 0.7٪ في آخر عام.

وتعد لوكسمبورغ من بين أصغر عشر دول في العالم ويبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة فقط.

يستمتع سكان لوكسمبورغ بثالث أعلى معدل للناتج المحلي الإجمالي للفرد في العالم/ISTOCK

ويعتمد اقتصاد لوكسمبورغ إلى حد كبير على قطاعات البنوك والصلب والصناعة.

ويستمتع سكان لوكسمبورغ بثالث أعلى معدل للناتج المحلي الإجمالي للفرد في العالم بعد قطر وماكاو (إقليم صيني)، إذ يبلغ أكثر من 109 آلاف دولار، وفقاً لإحصاءات صندوق النقد الدولي لعام 2017.

المصدر : The Post

"آل كابوني" إمبراطور الجريمة الأنيق


من قال إن التاريخ لا يخلّد سوى الأبطال؟ يمكن للتاريخ أيضاً أن يُكتب أسماء القتلة والمجرمين ورجال العصابات مثل آل كابوني؛ الرجل الذي ارتكب كل الجرائم الممكنة ولم تستطع السلطات إدانته حتى أوقعت الضرائب به.


آل كابوني.. ارتكب كل الجرائم دون أن تتمكن السلطات من إدانته

دعنا نبدأ منذ نشأة عصابة ألفونسو غابرييل كابوني.

في العام 1919، حظرت السلطات الأميركية بيع المشروبات الكحولية وتصنيعها، بهدف التوعية من خطورة الإدمان على تعاطي تلك المشروبات.

ولأن «الممنوع مرغوب»، أسفر الحظر عن نتائج عكسية، فانتشرت العصابات وارتفع معدل الجريمة، وسطع نجم «عصابة آل كابوني».

عصابة ارتكبت كل الجرائم الممكنة، من تجارة الخمور – المحظورة وقتها -، وحرب العصابات والشوارع، وصولاً إلى القتل.

المهاجر الذي قاد أعتى عصابات أميركا

عصابة آل كابوني أنشأها رجل من عائلة مُهاجرة إيطالية، هو ألفونسو غابرييل كابوني.

وُلد كابوني في بروكلين بنيويورك في 17 يناير/كانون الثاني 1899، وأصبح زعيماً لمافيا شيكاغو خلال «عصر الحظر»، وهو أحد أشهر أفراد العصابات الأميركيين.

وعلى الرغم من أن كثيراً من رجال العصابات في نيويورك والذين ظهروا في أوائل القرن الـ 20 قد جاؤوا من طبقات فقيرة، فإن آل كابوني لم يكن كذلك.

عُرف ألفونس باسم «Scarface (الوجه ذو الندبة)»، بعد تعرضه لندبة على خدّه الأيسر خلال عراكٍ مع شاب في بيت دعارة بسكين.

آل كابوني لم يرث الجريمة عن والديه


بعيداً عن الصورة النمطية لمُهاجر إيطالي فقير تحول إلى العمل بالجريمة لكسب العيش، كان كابوني من أسرة مُستقرة مادياً.

كان والده غابرييل واحداً من آلاف الإيطاليين الذين وصلوا إلى نيويورك في العام 1894. حينها كان عُمره 30 عاماً، وكان قد تلقى تعليمه في نابولي الإيطالية، وبدأ في العمل حلاقاً لكسب رزقه.

استقرت الأسرة في مسكن متواضع بنيويورك، بالقرب من ميدان بروكلين البحري، حيث كانت هناك بعض التجاوزات الأخلاقية؛ نظراً لأن البحارة كانوا يرتادون المكان لمُمارسة الرذائل قبل العودة إلى عملهم.

كانت أسرة آل كابوني من عشيرة إيطالية – أميركية عادية، ومُلتزمة بالقوانين.

لم يكن هناك الكثير من العلامات التي تُنبئ بأن الشاب الصغير سيدخل عالم الجريمة، وسيصبح له باع طويل فيه، وسُيدير إمبراطورية إجرامية سيئة السمعة.

لكن كابوني لم يحصل على قدر كافٍ من التعليم، فقد التحق بمعهد كاثوليكي لتلقي تعليمه، كانت تلك المؤسسة تتعامل مع طُلابها بكثير من العنف والوحشية.

ورغم أنه كان طالباً واعداً، لكن العنف الذي كان يلقاه جعله يضرب مُعلماً، ما تسبب في طرده من المعهد في سن الـ 14، ولم يعد إليه مرة ثانية أبداً.

جوني توريو.. صديق السوء الذي قدَّم لشيكاغو «الجريمة الأنيقة>>


في هذه المرحلة من حياته تعرّف كابونيعلى جوني توريو، وهو واحد من أشهر رجال العصابات على الساحل الشرقى في شيكاغو، اشتهر بأعماله الإجرامية القائمة على التفاوض والابتزاز، وكان هو الآخر من أصل إيطالي أيضاً.

علّم توريو كابوني الكثير من الأشياء في عالم الجريمة، ومنها الخروج عن الصورة النمطية للمجرم، فعليه مثلاً الحفاظ على واجهة جذّابة ومُحترمة أمام الجميع أثناء إدارة أعماله الإجرامية.

ذلك التغيير الذي قاده توريو أصبح فجراً جديداً في عالم الجريمة، ما أدى إلى تحويل هذا العالم من ثقافة بدائية وعنيفة إلى إمبراطوريات واسعة وشركات.

انضم كابوني إلى عصابة توريو وترقّى فيها وأصبح من الأشخاص المُميزين بها، وعندما بدأ «عصر الحظر»، شرع الباب يُفتح للثروة الهائلة من خلال المُتاجرة بالخمور التي أصبحت غير مشروعة.

وفي العام 1925 تقاعد توريو، وأصبح كابوني قيصر الجريمة في شيكاغو، يُتاجر بالخمور ويدير أنشطة القمار والدعارة غير الشرعية، ويُوسع أراضيه ونطاق نفوذه من خلال قتل منافسيه من العصابات الأخرى.

كان يتحرك بشكل منظم شديد الحذر، فلا يذهب إلى أي مكان دون حُراسه الشخصيين، وكان يُفضل دوماً السفر بسيارته ليلاً، ولا يُخاطر بالسفر نهاراً إلا عند الضرورة القصوى.

في فترة من فترات حياته كاد آل كابوني أن يعيش حياة طبيعية، فتزوج من فتاة آيرلندية من الطبقة المتوسطة، هي ماي كوجلين، واستقر في حياته الأسرية معها وبدأ في عمله في المحاسبة، وأنجبا طفلهما سوني.

لكن تلك الفترة لم تتجاوز كونها راحة قصيرة من عالم الجريمة، فالوفاة غير المتوقعة لوالد كابوني مثّلت نقطة عودته إلى عالم الجريمة.

فسرعان ما عاد كابوني بعدها إلى العمل مع رئيسه القديم جوني توريو، لكنه لم يتخلَّ عن حياته الأسرية، فقد ظل مع زوجته حتى وفاته.

الكثير من الجرائم.. والسلطات لا تستطيع الإيقاع بالمجرم


ارتكب رجل العصابات الأميركي عدداً من الجرائم العنيفة مثل انتقامه من قاتل صديق له، والذي تعقبه كابوني بنفسه وأطلق النار عليه، ولم تثبت الجريمة قانوناً عليه حينها.

كذلك القيام بمذبحة نادي أدونيس الاجتماعي، وهي حفلة كان مدعو إليها كابوني وبعض رجاله، وتم خلالها السخرية من الرجال الإيطاليين ما جعل الحفل يتحول إلى مذبحة على يد كابوني ورجاله، وفشلت التحقيقات في إدانته أيضاً.

نجح كابوني في وقت ما في الظهور بهيئة صانع السلام في ولاية شيكاغو، حيث ناشد أفراد العصابات الأخرى التخفيف من حدة العنف. كما توسّط للعفو بين أفراد العصابات المتناحرين، ولمدة شهرين توقف القتل والعنف.

لكن سرعان ما تصاعد العنف والاقتتال بالشوارع مرة أخرى، وأصبحت عمليات نقل خمور كابوني في غاية الصعوبة بسبب التربص بها واختطافها من قبل خصومه بشكل مُتكرر.

«إمبراطور الجريمة» يقع بسبب التهرُّب الضريبي !


ورغم هذه الجرائم، ألقي القبض عليه في النهاية بتهمة التهرب من دفع الضرائب، فقد كان مكتب الضرائب حينها يُشكل التهديد الأكبر لإمبراطوريات العصابات.

في العام 1927، صدر حكم قضائي من المحكمة العليا يقضي بأن على المُهرب دفع ضريبة الدخل على أعماله غير القانونية.

بهذا الحكم تمكنت وحدة الاستخبارات الخاصة الصغيرة التابعة لمصلحة الضرائب الأميركية من تعقب آل كابوني، وبعد أن قام بشراء جزيرة باهظة الثمن أعطى هذا للمكتب فرصة أكبر لتوثيق دخل كابوني وإنفاقه. وكانت هذه الثغرة التي فعلها وأدّت إلى الإيقاع به.

أثبتت التقارير أن رجل العصابات الأميركي تمكَّن من حصد ثروة هائلة من عالم الجريمة والأعمال سيئة السمعة قُدرت بنحو 100 مليون دولار.

وقد استطاع تحقيق هذا القدر من الثروة منذ العام 1929، مُستخدماً نحو 600 من أفراد عصابته، وقد كسب حوالي 60 مليون دولار من المُتاجرة غير القانونية بالكحول، و25 مليون دولار من المُقامرة، و10 ملايين دولار من الدعارة، و10 ملايين دولار أخرى من المُضاربات.

السجن 11 عاماً.. والخروج مبكراً لحُسن السلوك!


في شهر مارس/آذار 1931، اجتمعت هيئة مُحلفين فيدرالية سراً بناءً على ادعاء الحكومة بتهرب آل كابوني الضريبي.

قُدر ما عليه بنحو 200 ألف دولار، واتُّهم هو و68 من أفراد عصابته بخرق قانون الحظر وانتهاكه بالمُتاجرة غير المشروعة، ليحكم عليه بالسجن لمدة 11 عاماً وغرامة قدرها 50 ألف دولار.

في أغسطس/آب 1934، تم نقل آل كابوني من سجن في أتلانتا إلى سجن الكاتراز الشهير في سان فرانسيسكو.

ورغم كل هذه الجرائم، والاتهامات التالية بالتهرب الضريبي، تم تخفيض الحكم في النهاية إلى 6 سنوات ونصف من أجل حسن سلوكه.

وبطريقة درامية مات المجرم خارج السجن بعد إطلاق سراحه.

ففي يناير/كانون الثاني عام 1947 توفي كابوني بسبب إصابته بالسكتة القلبية عن عمر يناهز الـ 48 عاماً.

المجرم بطلاً لأفلام عالمية

تناولت هوليوود قصة آل كابوني في بعض الأعمال السينمائية مثل فيلمUntouchables إنتاج العام 1987، وحاصل على تقييم 7.9 على موقع IMDB.

قام ببطولة الفيلم روبرت دي نيرو وكيفين كوستنر، وتدور أحداثه حول كيف كان آل كابوني يبسط سيطرته ونفوذه في أميركا وكيف تم الإيقاع به.

كذلك الفيلم المنتظر صدوره العام 2018Fonzo الذي سيمثل بطولته توم هاردي ونويل فيشر.

تدور أحداثه حول مرور عقد من الزمن على رجل المافيا الأشهر آل كابوني في السجن، تحديداً في السابعة والأربعين من عمره؛ حيث يبدأ في معاناته من الخرَّف ومطاردة ماضيه العنيف له.

الجاسوس الذي ألهم الكتّاب بـشخصية جيمس بوند..حمل 11 جنسية وتزوج 11مرّة واختفى بعد قرار بإعدامه في ظروف غامضة.

By Aksilo : 21/11/2018

العميل ST1، كان هذا اسم الجاسوس البريطاني سيدني رايلي العميل في مكتب المُخابرات البريطانية، الذي لُقب بـ«أعظم جاسوس في التاريخ» و«القرمزي من روسيا الحمراء»، وقيل إنه أول « جاسوس خارق» في القرن العشرين، الجاسوس الروسي الجنسية

والذي عمل لصالح المُخابرات البريطانية ضد روسيا وألمانيا، وانتهى به المطاف معتقلاً عام 1925 بواسطة الشرطة السرية البلشفية.

بذل سيدني الكثير من الخدمات الكبيرة كعميل سري للمخابرات البريطانية.

وظلت قصته ومشواره في الجاسوسيةمادة تستحق التقديم على الشاشات التليفزيونية، فكان المسلسل التليفزيوني المكون من 12 حلقة « Reilly: Ace of Spie» وهو من إنتاج شركة «euston films» ، المسلسل مأخوذ من كتاب يحمل نفس العنوان كتبه روبن بروس لوكهارت، والذي نُشر في بريطانيا عام 1967.

كان رايلي هو الجاسوس الذي حصل على أسرار البحرية الألمانية لصالح بريطانيا، يستخدم جاذبيته لإغراء

زوجات السياسيين والعسكريين وضباط الأمن للحصول على معلومات منهن.

بداية حياته.. ولدٌ وحيد رَحل مُبكراً وتعددت هويّاته

ولد رايلي ابناً وحيداً لهيرش ياكوف روزنبيليوم وزوجته بولينا برامسون، وقد كان لديه شقيقتان فقط، يُقال أن الأب كان طبيباً يهودياً في مدينة أوديسا، ويُقال أيضاً أنه كان مقاولاً ومالك أرض، وكان نشطاً في حركة التحرر اليهودية.

بعد عام 1897 انتقل رايلي إلى البرازيل، تاركاً وراءه العديد من الهويات المُزيفة وعمليات الخداع؛ وهو بالضبط ما جعله نوع الشخص الذي تحتاج إليه المُخابرات البريطانية عميلاً لها في حربها ضد النظام البلشفي.

وتذكر المصادر عنه إنه امتلك 11 جواز سفر و11 زوجة وأجاد 7 لغات من بينها الإنكليزية والروسية والبولندية والألمانية والفرنسية.

ساعد رايلي المُخابرات البريطانية في العديد من العمليات الناجحة خلال الحرب العالمية الأولى، واستولى على أسرار سياسية وعسكرية من ألمانيا وروسيا لمصلحة الإنكليز، وهو نفسه المُحتال القاتل الذي كان الكثير عن ماضيه مشكوكاً فيه ولا يعرفه إلا جهاز الاستخبارات الذي كان يعمل به، وتم الاحتفاظ بملفه ضمن الملفات المحفوظة بمكتب التحقيقات الفيدرالي.

 جاسوس مميز لكنه مجرم

يقول أندرو كوك، والذي عمل خبيراً في الشؤون الخارجية لوزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون وجون سبيلار: «حسب علمي لم يقتل رايلي أي شخص في سياق تجسسه، لا ينفي هذا أنه قد قتل بالفعل في السابق، ولكن بهدف الحصول على المال.

قتل رايلي عام 1898 شخصاً من عائلة هيو توماس حتى يتمكن من الزواج من زوجته البالغة من العمر 24 عاماً بالإضافة إلى الاستيلاء على ثروته، وقد انتحل صفة الطبيب المحلي لتوقيع شهادة الوفاة، لقد كان جاسوساً جيداً جداً ولكنه أيضاً كان مجرماً».

شكت المُخابرات فيه ودعمه ونستون تشرشل!

بدأت العلاقة التي جمعت بين رايلي وجهاز الاستخبارات البريطاني من منطقة الأمازون، بصلات بينه وبين الجيش البريطاني، وتم ترشيحه للمخابرات البريطانية في لندن كشخص صالح للعمل داخل روسيا.

 جاءت التقارير بشأنه أنه لا يستحق الثقة، لأنه ليس لديه أي قدر من الانتماء أو المبادئ، وبالتالي لا يُوصى به لأي منصب يتطلب الولاء إذ أنه لن يتردد في استخدامه لتعزيز مصالحه التجارية الخاصة.

 يقول الكاتب كريستوفر أندرو أن ونستون تشرشل نفسه هو من دعم تجنيد رايلي، لأنه رأى أنه يتمتع بشخصية جذابة وبارعة في العمل الاستخباراتي.

وفي عام 1899 غيّر اسمه إلى رايلي، وزور جواز سفر يحمل هذا الاسم بالإضافة إلى الجنسية البريطانية.

أما عن الخدمات الجليلة التي قدّمها لبريطانيا، فكانت المعلومات والتقارير الدقيقة التي نقلها للمخابرات البريطانية، فعلى مدار أعوام كتب رايلي تقاريره حول التطورات النفطية الروسية في مدينة باكو.

وتطور السكك الحديدية عبر سيبيريا، كما كانت له تقارير حول التطورات النفطية في إيران عام 1902، كذلك رصد التحصينات البحرية في بورت آرثر بمنشوريا في الصين عام 1905.

العمالة المُزوجة احتمال غير مُستبعد

 وبالرغم من أن رايلي كان يُقيم في لندن، إلا إنه قضى معظم وقته في الشرق الأقصى. ففي عام 1904 بدأ العمل في شركة تجارة بالصين.

 يقول الكاتب، ريتشارد ديكون، إن رايلي كان يعمل كعميل مزدوج يخدم كلاً من البريطانيين واليابانيين، ويُعتقد أنه بالإضافة إلى العمل مع البريطانيين، كان يتجسس لصالح النظام القيصري أيضاً.

 يضيف ديكون: «أعتقد أنه كان مُستعداً لفعل أي شيء من أجل الحصول على المال، وفي عام 1906 كان لديه شقة فخمة في سان بطرسبرغ، وكان عضواً في النادي الأكثر تميزاً في المدينة.»

 كان رايلي دائم التنكر، فيُقال أنه تنكر ذات مرة في زي كاهن على شاطئ الريفييرا الفرنسية، وقد استطاع التأثير على صاحب الامتياز النفطي الإيراني وليام دارسي.

وأقنعه ببيع تنازلات النفط لبريطانيا ضد المنافسة الفرنسية الشديدة، وهو ما عاد بفائدة كبيرة على إمدادات الطاقة ببريطانيا.

معلومات مهمة من موقعه الوظيفي الحساس

لم يكن رايلي مجرد مواطن روسي يعملجاسوساً لصالح المُخابرات البريطانية، بل كان في موقع وظيفي حساس.

فبحكم عمله مُديراً بالوكالة الألمانية لبناء السفن في سانت بطرسبرغ بروسيا، تمكن من الوصول إلى تفاصيل خطة التطوير البحري التي استمرت لمدة خمس سنوات في ألمانيا، والتي أبلغها إلى لندن على مدار ثلاث سنوات قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.

كذلك قام بمهام مُتكررة خلف الخطوط الألمانية، فتمكن من تزويد بريطانيا بتفاصيل اجتماع هيئة الأركان العامة بحضور القيصر ويليام الثاني، الإمبراطور الألماني، والذي كان رايلي حاضراً له بحكم موقعه الشخصي.

وقد جعلته اتصالاته الروسية عالية المستوى لا يُقدر بثمن بالنسبة لبريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى.

تنظيم انقلاب ضد لينين

تمكن رايلي من تنظيم انقلاب ضد الزعيم السوفييتي لينين في سبتمبر عام 1918، ويُتردد أن الانقلاب كان يتضمن مُحاولة اغتيال لينين.

لكن المؤامرة لم يُكتب لها النجاح، فقد استطاعت الشرطة السرية البلشفية اختراقها، واستطاع رايلي تجنب الاعتقال بسببها بأعجوبة، فتمكن من الفرار من منزله قبل نصف ساعة فقط من وصول ضباط الشرطة، ورغم فشل الانتفاضة إلا إن رايلي أُدين بالإعدام الذي لم يُطبق عليه حينها بسبب تمكنه من الهرب.

الجاسوس البريطاني سيدني رايلي

شديد الدعم لمصلحة الحلفاء

كان رايلي مُستعداً لفعل أي شيء لدعم مصلحة الحُلفاء والتي تضم بريطانيا في حربهم على دول المحور التي تضم ألمانيا، ففي مدينة نيويورك عام 1914 تمكن من شراء ذخيرة وساعد في مُكافحة التخريب الألماني للَمصانع الأميركية التي تزود الحلفاء بمُنتجات يحتاجونها.

 ومن نيويورك إلى لندن حيث قضى وقتاً قصيراً، ثم هُرّب رايلي إلى ألمانيا في عام 1917 وأُعطيت له مُهمة معرفة مدى قدرات ألمانيا في الحرب القادمة.

 يقول جورج نيفيل بلاند من وزارة الخارجية البريطانية إن رايلي كان رجلاً يتمتع بشجاعة كبيرة، لكن تلك الشجاعة كانت مُقترنة بضمير شبه معدوم، وهو ما جعله سلاحاً ذا حدّين.

في عام 1918 توجه رايلي إلى موسكو عازماً الإطاحة بالنظام البَلشفي، فقد كان لديه كراهية شديدة للشيوعية، ويرى أنها نشأت على دماء البرجوازية -الطبقات العاملة-، وأن قادتها كانوا مُجرمين وقتلة.

اعتقاله وأمر ستالين بإعدامه

لكن خططه تعرضت للإحباط بسبب الخيانة، واُضطر إلى الفرار حينها، ويُعتقد أنه قام بسلسلة من الرحلات الأخرى إلى روسيا، إلى أن اُعتقل في سبتمبر عام 1925 وتم تنفيذ الحكم بإعدامه.

 ووفقاً لأخر الأبحاث حول ملابسات تنفيذ حكم الإعدام بسيدني رايلي، وما إذا كان قد تم تنفيذ الحكم أم لا، ثبت أن الحكم جاء مُباشرة من ستالين، القائد الثاني للاتحاد السوفييتي.

 أصدر ستالين حُكماً بإطلاق النيران على رايلي، الشاهد الوحيد على هذا الأمر هو الكولونيل بوريس جودز، العقيد بالمُخابرات الروسية، وكان جودز قد شارك في عملية عام 1925 و خلالها أغوُي العميل السري البريطاني رايلي من أجل الذهاب إلى موسكو.

 يقول جودز «بعدما تم اعتقال رايلي، وفي فترة التحقيق معه، كان يتم نقله في كثير من الأحيان للمشي في غابة سوكولنيكي خارج موسكو، وفي إحدى مرات السير هذه تم إطلاق النيران عليه، ونُقلت جثته إلى الوحدة الطبية حيث تم تصويرها.»

ويؤكد جودز أن مُنفذ الحكم قد أعطاه المُسدس الذي نفذ به حكم الإعدام، وأن جودز ظل مُحتفظاً به تذكاراً حتى عام 1937.

الغموض حول رايلي: إدعاءات ومعلومات غير مؤكدة حوله

الاسم الأصلي لرايلي غير معروف حتى الآن.. فهو سيجموند أو شلومو أو جورجي روزنبلوم، ولم يتمكن أحد من تحديد اسمه الحقيقي، ولد في 24 مارس/آذار عام 1874، بمدينة أوديسا جمهورية أوكرانيا، روسيا، وقد ادعى رايلي في وقت لاحق أنه ولد في أيرلندا.

لا يُعرف ما هو تعليم رايلي على وجه الدقة، أو ما إذا كان التحق بإحدى الجامعات أم لا، على الرغم من الادعاءات الكثيرة غير المؤكدة في هذا الشأن.

لكن من المُحتمل بنسبة كبيرة أن يكون درس الكيمياء في فيينا عام 1890، لأنه أظهر المعرفة الكافية بالكيمياء بشكل يُمكنه من الحصول على العضوية في الجمعية الكيميائية في عام 1896 ومعهد الكيمياء في عام 1897.

يقول الكاتب جايلز ميلتون، الذي بحث في الادعاءات المُبكرة لحياة رايلي: «كان كلا والديه يهوديين، على الرغم من أنهم تحولوا إلى الكاثوليكية، لقد هرب رايلي من أوديسا في أواخر سنوات مراهقته لأسباب لا تزال غامضة.

 ثم قام بتدوين حكايات حول كيف كان طباخاً، ثم عمله برسو السفن، وعمله مهندساً للسكك الحديدية في الهند، وبواب دعارة في البرازيل، ولكن ظل قيامه بكل هذه الوظائف أيضاً أمراً غير مؤكد.

كما قيل إنه عمل في التجسس لصالح الحكومة اليابانية، بالإضافة إلى العديد من القصص التي لم يتم التحقق منها حول مُغامراته المُبكرة في التجسس».

ومن المُرجح لدى البعض أن الكاتب إيان فليمنج، حين أبدع شخصية جيمس بوند، كان يضع في ذهنه نموذج هذا العميل، وهو ما أدى بالبعض إلى وصفه بأنه جيمس بوند الحقيقي، كانت تلك هي الألقاب التي حازها الجاسوس المعروف باسم سيدني رايلي.

ومثلما كان ميلاده لغزاً كانت وفاته لغزاً أيضاً فقد ترددت مزاعم أن رايلي قام بتزوير اختفائه وعاد مرة أخرى إلى أرض ولادته، وهو ما دفع الخبير كوك إلى تقديم أدلة الطب الشرعي، استناداً إلى صور جثته، ليثبت عدم صحة هذه المزاعم.

الفايكنج .. سر تكنولوجي مذهل نجحوا باستخدامه في اجتياح أوروبا وأميركا

غزا الفايكنغ أوروبا بفضل ابتكار تكنولوجي غير متوقع. فقد تعلموا كيفية إنتاج القار (القطران) على نطاق صناعي ويعتبر ذلك سر نجاح الفايكنج الذين استخدموه كعازل مضاد للماء في سفنهم الطويلة، وهو ما مكَّنهم من شن حملات نهب ممتدة وواسعة النطاق في جميع أنحاء أوروبا وعبر المحيط الأطلسي، حسب علماء الآثار الذين تحدثوا لصحيفة The Guardianالبريطانية.

يرجع هذا الاكتشاف إلى أندرياس هينيوس، من جامعة أوبسالا. فقد أشار إلى أنه وجد أدلة حاسمة على أنه في العصور القديمة، ازداد إنتاج حفر القار في إسكندنافيا بشكل كبير في الوقت الذي بدأ فيه الفايكنغ اجتياح أجزاء أخرى من أوروبا.

كان من الممكن أن يبلغ إنتاج هذه الحفر 300 لتر من القار في الدورة الإنتاجية الواحدة، وهو ما يكفي لعزل عدد كبير من السفن. يقول هينيوس «تطور إنتاج القار من نشاط صغير إلى إنتاج كبير الحجم، إِذْ انتقل إلى أراضي الغابات في الخارج خلال عصر الفايكنغ».

ويضيف قائلاً «جاء هذا التغيير نتيجة للطلب المتزايد على القار والمدفوع بالثقافة البحرية المتطورة».

عندما اجتاح الفايكنغ أوروبا

تدفق الفايكنغ تجاراً ومحاربين في موجات هجرة من إسكندنافيا لاجتياح أوروبا في القرن الثامن.

كتب الراهب ألكوين من يورك، بعد نهب الفايكنغ لدير ليندسفارن في نورثمبريا عام 793 بعد الميلاد، «ها هي كنيسة القديس كوثبرت لُطخت بدماء كهنة الرب. المكان الأكثر قدسية من كل الأماكن في بريطانيا أصبح غنيمة لشعوب وثنية».

بحلول القرن الحادي عشر، سيطر الفايكنغ على مساحة شاسعة من بريطانيا، واستقروا في أيسلندا، وغرين لاند، وأميركا الشمالية، وهاجموا الموانئ الإسبانية، حيث أطلق عليهم الموريون لقب «السحرة الوثنيين».

واستفادوا من التغير المناخي

وكان من بين العوامل المقترحة التي أدت إلى هذه الزيادة الكبيرة، التغير المناخي الذي عزز الزراعة، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أعداد السكان، الذي دفعهم بدوره إلى الإبحار بسفنهم إلى أراض جديدة.

بينما يقول آخرون إن الملوك المحليين كانوا يتنافسون على النفوذ كما قاموا بتمويل الحملات لجلب الأموال والكنوز ليبرهنوا على قوتهم.

ساعدهم القار السحري، وهذه هي الطريقة

والآن بعد أن طرح هينيوس نظريته، ساعد القار الفايكنغ ليصبحوا مطرقة الآلهة فيأوروبا. يقول هينيوس، لطالما استُخدم القار في عزل القوارب منذ آلاف السنين.

إِذْ جرى تصنيعه في حفر تُملأ بأخشاب الصنوبر، وتُغطى بطبقة عشبية، ثم تُضرم فيها النيران. فقد عُثر على أفران محلية صغيرة للقار في السويد تعود لأوائل العِقْد الأول من القرن الحالي. تعود هذه الأفران إلى ما بين عامي 100 و400 بعد الميلاد.

وجرى اكتشاف السر أخيراً

إلا أنه عُثر على حفر أكبر بكثير أثناء عمليات إنشاء الطرق، وجرى تحديد تاريخها بين عامي 680 و900 بعد الميلاد، إبان بزوغ نجم الفايكنغ. في البداية، كان يُعتقد أن هذه الحفر كانت تُستخدم في صناعة الفحم، لكن كشفت أبحاث هينيوس أنها كانت من أجل غرض آخر: وهو صناعة القار.

وبنوا مصانع لإنتاجه بكثافة

لا ترتبط هذه الأفران بأي مستوطنات مأهولة، كما أنها تقع بالقرب من غابات الصنوبر، التي كانت العنصر الأساسي فيها.

يقول هينيوس إن هذه المواقع الصناعية كانت تُستخدم فقط لإنتاج القار بكميات كبيرة. وتمكّن الفايكنغ فيما بعد من الإبحار بسفنهم الطويلة لشن هجماتهم. يقول هينيوس «يشير حجم أساطيل عصور الفايكنغ المتأخرة إلى حاجة كبيرة ومستمرة لهذا المنتج».

وربما اكتشفوا أميركا أولاً

على الشاطئ الشرقي لأميركا الشمالية، ثمةأدلة على وجود الفايكنغ الأوربيين، عاش فيها البحارة الاسكندنافيون في الأراضي الأميركية، وقد تم اكتشاف موقعين مختلفين في كندا الحالية لمستوطنات إسكندنافية تعود للقرن العاشر الميلادي وتعد دليلاً على وصول الفايكنغ لغرين لاند وكندا قبل 5 قرون من رحلة كولومبوس.

ويعتقد أن بحارة من الفايكنغ عبروا من شمال أوروبا إلى غرين لاند، ومنها لشمال شرقي أميركا الشمالية، حيث عاشوا هناك وكانت لهم صلة بالسكان الأصليين أيضاً.

أفضل ما كتب عن تشرشل

من يقرأ تاريخ تشرشل أشهر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا، فسيجد أن مشكلته لم تكن نقص الشجاعة على الإطلاق، بل الإفراط فيها أحياناً.

في أبريل/نيسان عام 1955، وفي عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة قبل أن يغادر منصبه لآخر مرة، أزال ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، نسخةً قماشية كبيرة من لوحة «الأسد والفأر» للرسام الفلامنكي بيتر بول روبنز من القاعة الكبرى بقصر تشيكرز، مقر الإقامة الريفية لرئيس الوزراء في بريطانيا.

كان دائماً ما يجد أنَّ رسم الفأر غير واضح للغاية، لذلك استعاد فرشات الطلاء الخاصة به وأجرى تحسيناً على عمل روبنز، من خلال توضيح رسم الفأر الباهت.

وعن ذلك، قال اللورد لويس مونتباتن، القائد العام الأسبق للبحرية الملكية البريطانية: «إذا لم تكن هذه هي الشجاعة؛ فأنا لا أعرف ما هي».

تاريخ تشرشل يُظهر أنه لم يخفْ من القنابل أو حتى الغواصات

«لم تكن قلة الشجاعة مشكلة تشرشل قط»، حسب وصف صحيفة The New York Times الأميركية، في تقرير لها يستعرض كتاب المؤرخ البريطاني أندرو روبرتس «تشرشل: السير مع القدر» – («Churchill: Walking With Destiny») الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

ويظهر تاريخ تشرشل ذلك ، فقد تم التنويه به، هو شاب في الرسائل العسكرية، لقتاله الشجاع إلى جانب قوات حملة مالاكاند الميدانية في مقاطعة الحدود الشمالية الغربية بين الهند وباكستان، ومن ثم شارك في آخر مهمة كبيرة لسلاح الفرسان بالتاريخ البريطاني في معركة أم درمان وسط السودان.

وفي منتصف عمره، خدم تشرشل في خنادق الحرب العالمية الأولى، وهو الوقت الذي سقطت خلاله قذيفة ألمانية شديدة الانفجار على سقف مخبئه؛ لتعيد تنظيم أفكار رأسه المليء بالفوضى.

وفي وقتٍ لاحق، بصفته رئيساً للوزراء خلال الحرب العالمية الثانية، وحتى بلغ منتصف الستينيات من عمره، لم يكترث تشرشل بخطورة زيارة مواقع القنابل في أثناء الحرب الخاطفة، أو عبور مياه المحيط الأطلسي الغادرة، لرؤية الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، على الرغم من الفرصة السانحة بشدة لنسفه على يد الغواصات الألمانية.

حتى إن شجاعته في السياسة جعلت البعض يراه خائناً

كان تشرشل يتمتع بشجاعةٍ سياسية أيضاً؛ لكونه بالأخص واحداً من القلائل الذين رفضوا استرضاء الزعيم النازي أدولف هتلر.

ظن كثيرون أنَّه مؤيد للحرب، ووصل الهجوم عليه بسبب رفضه التفاهم مع ألمانيا النازية، إلى حد أن البعض اعتبره خائناً.

وقال اللورد آرثر بونسومبي، في وقت عقد اتفاقية ميونيخ عام 1938 (التي وافقت فيها بريطانيا وفرنسا على ضم ألمانيا جزءاً من تشيكوسلوفاكيا): «لطالما شعرتُ بأنَّه في حالة حدوث أزمة بسبب الاتفاقية، كان تشرشل واحداً من أوائل الأشخاص الذين يجب اعتقالهم».

نعم، باللحظات الحاسمة لجأ إليه البريطانيون، ولكنّ نقص الحكمة جعل العثمانيين يهزمونه

غير أنه عندما جاءت لحظة الأزمة الكبرى عام 1940، لجأ الشعب البريطاني إليه باعتباره قائداً، وهنا تجلت قمة شجاعته حينما أكد أنَّ بريطانيا «لن تستسلم أبداً».

لم تكن الشجاعة هي مشكلة تشرشل، لكنَّها كانت غياب الحكمة.

إنزال خيول خلال معركة غاليبولي التي هزم فيها العثمانيون الحلفاء/wikipedia

إذ ارتبط اسمه بكوارث عسكرية شهيرة، من ضمنها حصار أنتويرب في بلجيكا عام 1914، وفشل حملة الدردنيل (غاليبولي) على الدولة العثمانية عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى

وكذلك خسارة معركة نارفيك بالنرويج في عام 1940، خلال الحرب العالمية الثانية.

حتى إنه قاد معارك شوارع بنفسه ضد الأناركيين

كما اشتهر تشرشل بخلافاته السياسية.

تظهر طبيعة الميالة للمواجهة في ظهوره شخصياً لتوجيه الشرطة خلال معركة شوارع عنيفة مع الأناركيين (لا سلطويين أو الفوضويين).

كما بدت واضحة في تحدّيه عالِم الاقتصاد البريطاني الشهير جون ماينارد كينز، وإعادة بريطانيا إلى استخدام معيار الذهب لتحديد قيمة العملة، أو تسرُّعه في دعم الملك إدوارد الثامن خلال أزمة التنازل عن العرش.

كانت آراؤه حول العِرق والإمبراطورية قد عفى عليها الزمن، حتى بالنسبة لتلك الأوقات.

وتاريخه ممتلأ باللحظات المثيرة للجدل منها الوثيقة الخبيثة

وتشمل قائمة تشرشل المثيرة للجدل القصف البساطي (القصف المكثف) للمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.

كما تشمل القائمة اتفاقية النسب المئوية لتقسيم شرقي أوروبا -أو «الوثيقة الخبيثة»، على حد وصف تشرشل نفسه.

وسلّمت هذه الإتفاقية لاً من رومانيا وبلغاريا إلى الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، وتشبيهه حزب العمل البريطاني بالغيستابو (البوليس السري النازي).

طرحت هذه التصرفات تساؤلاتٍ بشأن طباعه وشخصيته، وكذلك أثارت عاداته في شرب الكحول، الكثير من التعليقات.

ومن هنا فإن كتابة سيرته أمر صعب

هذا هو التحدي الذي يواجه أي كاتب سيرة ذاتية عن تشرشل: كيفية تحقيق التوازن في حياةٍ مليئة بالانتصارات والكوارث، والتملق والازدراء.

تأتي نظرة المؤرخ البريطاني أندرو روبرتس عن علاقة تشرشل بالقدر في كتابه «Churchill: Walking With Destiny» أو «تشرشل: السير مع القدر» مباشرةً من صاحب القصة نفسه، إذ كتب تشرشل في مايو/أيار 1940، عن تلك اللحظة التي وصل فيها إلى أعلى مناصبه: «شعرتُ كأنَّني أسير مع القدر».

لكنَّ القصة التي يرويها روبرتس أكثر تعقيداً وأكثر إرضاءً في النهاية.

كتب روبرتس قائلاً: «رغم أنَّه كان يسير مع القدر بالفعل في مايو/أيار 1940، فإنَّه كان قدراً قد قضى حياته في صياغته».

لكنَّ ميزته أنه كان يتعلم من أخطائه

إذ إن «تشرشل تعلَّم من أخطائه»، حسبما يقول مؤلف الكتاب أندرو روبرتس.

ويضيف المؤرخ البريطاني قائلاً: «لقد احتفظ بهذه الدروس، لاستخدامها خلال أشد ساعات الاختبار في الحضارة الإنسانية».

ويبدو أنَّ اكتساب الخبرات والتفكير في الإخفاقات المؤلمة كانا من العناصر الأساسية في نجاح تشرشل بالنهاية، رغم كون ذلك أقل سحراً من اعتبار نجاحه قدَراً مكتوباً.

وبداية حياته كانت مع أب غريب الأطوار

لم تشهد المراحل الأولى من حياة تشرشل بدايةً سعيدة، إذ رأى والده النرجسي غريب الأطوار، اللورد راندولف تشرشل، أنَّ ابنه لن يكون ذا شأنٍ كبير، متوقعاً أن تكون حياته «بائسةً وغير سعيدة وعديمة الجدوى».

ولم تكن أمه الأميركية، جيني، أكثر لطفاً، إذ كانت ترسل إليه رسائل قاسية في أثناء التحاقه بمدرسة هارو.

وأصبحت أحكام أبويه دافعاً واضحاً لنيل الشهرة والاهتمام.

وكتب روبرتس قائلاً: «قليلون هم من تحدوا ظروفاً أكثر قسوة ليصبحوا أبطالاً أولاً، ثم رجالاً عظماء مثل تشرشل».

وهروبه الجريء  من الأسر أكسبه شهرة مبكرة، لكن سرعان ما اكتسب سمعة سيئة

وبعد خدمته في كلٍّ من كوبا والهند والسودان، حقق تشرشل شهرةً سريعة خلال حرب البوير الثانية بعد هروبه الجريء من أحد معسكرات أسرى الحرب في جنوب إفريقيا عام 1899.

دفعته هذه الشهرة إلى البرلمان، حيثُ ازدادت سمعته سوءاً من خلال انتقاله إلى الجانب الآخر من مجلس العموم، بعد تخليه عن حزب المحافظين للانضمام إلى الحزب الليبرالي.

تشرشل وصف نفسه بالحشرة المتوهجة/wikipedia

بعد ذلك، كتبت صديقته فيوليت، ابنة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق هربرت هنري أسكويث، قائلةً إنه «كان يُنظر إليه كخائن وحقير ووصولي».

ليردَّ عليها تشرشل، قائلاً: «كلنا حشرات، لكنَّني أؤمن بأنَّني حشرة متوهجة».

واستمر توهُّج تشرشل، ليصبح أصغر عضو في مجلس الوزراء البريطاني خلال 40 عاماً، وهو في سن الـ33 من عمره عام 1908.

ثم أصبح أصغر وزير للداخلية منذ السير روبرت بيل عام 1822. ونُسب إليه الفضل بصفته أمير البحرية البريطانية (الأميرالية) في تجهيز القوات البحرية للحرب، وهو أكبر إنجاز له في الحكومة قبل عام 1940.

ثم عاد لحزبه القديم بواسطة ألاعيبه التقليدية

وحتى عندما تحل به الكوارث، كان تشرشل ينجح دائماً في العودة بقوة.

إذ أعاده رئيس الوزراء الجديد آنذاك، ديفيد لويد جورج، إلى وزارة شؤون الحرب رغم كارثة حملة الدردنيل خلال الحرب العالمية الأولى.

وعندما تفكك الحزب الليبرالي بعد صعود حزب العمال، مارس تشرشل ألاعيبه مرةً أخرى، ليعود إلى حزب المحافظين حين عيَّنه ستانلي بالدوين، رئيس الوزراء آنذاك، على مضض في منصب وزير الشؤون المالية للبلاد.

وبدا أن مسيرته ستنتهي بسبب رفضه التسوية مع هتلر

وبحلول أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي، وبعد ابتعاده عن المناصب الرسمية وانتقاده لمعارضته التسوية مع هتلر، بدا أنَّ مسيرة تشرشل قد انتهت مرةً واحدة وإلى الأبد.

لكنَّه كان مستعداً، إذ كتب روبرتس قائلاً: «لقد علّمته كارثة الدردنيل ألا يتجاهل رؤساء الأركان، وعلّمه الإضراب العام وأعمال الشغب في مدينة تونيباندي أن يترك العلاقات الصناعية خلال الحرب العالمية الثانية لزعيم حزب العمال إرنست بيفن.

 كما علّمته كارثة الغطاء الذهبي أن يزيد كمية النقود المتاحة للاستخدام في اقتصاد البلاد، وأن يحافظ على السيولة بالقدر الذي تسمح به مقتضيات الحرب».

لكن، ما لا يعرفه الكثيرون هو أن تشرشل تعلّم أيضاً من نجاحاته

إذ دفعته الاكتشافات الهائلة في مجال فك التشفير بالبحرية خلال الحرب العالمية الأولى، إلى دعم عالِم الحاسوب البريطاني آلان تورنغ وعمليات فك شيفرة الاتصالات الألمانية -التي أُطلق عليها اسم ألترا (Ultra)- خلال الحرب العالمية الثانية.

وأرشدته الحملة المضادة للغواصات الألمانية عام 1917 إلى نظام القوافل، وشجعه تأييده السابق الحرب على تطوير أسلحة جديدة.

وتعلَّم تشرشل من كتاب Research for a life of Marlborough -(وهو كتاب وصفه الفيلسوف الأميركي ليو شتراوس بأنَّه أعظم عمل تاريخي في القرن العشرين)- قيمة التحالفات الدولية في وقت الحرب.

إلى أن جاءت اللحظة المناسبة لشخصيته

كانت حياة تشرشل بأكملها بمثابة إعدادٍ لعام 1940، عندما كان على بريطانيا مواجهة اكتساح هتلر أوروبا .

حينها «أصبح الرجل المناسب في الوقت المناسب».

كان تشرشل في الخامسة والستين من عمره عندما أصبح رئيساً للوزراء مرة أخرى، وكان قد عاد إلى الصفوف السياسية الأولى لتوه بعد 10 سنواتٍ من ابتعاده عن المناصب.

تشرشل يشير بعلامة النصر الشهيرة وهو يقف مع الرئيس الأميركي ترومان/wikimedia

كان الأمر يشبه عودة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى منصبه اليوم، مستعداً للاستفادة من الدروس التي تعلمها خلال حرب العراق.

وأشار روبرتس إلى أنه إذا كان ظهور هتلر قد تأخر بضع سنوات، كان تشرشل سيبتعد بالتأكيد عن الصفوف السياسية الأولى فترة طويلة.

لكن الظروف أثبتت أنَّه «الشخصية الوحيدة التي لا غنى عنها في السياسة».

وآخرون غيره كانت لهم خبرة وأمجاد أكبر، لكن لم يتعلموا منها مثله

لا تجعل الخبرة النجاح حتمياً بالتأكيد.

ففي فرنسا، اتخذ المارشال فيليب بيتان -الذي لُقب بـ»منتصر فردان» بفضل انتصاراته المجيدة في الحرب العالمية الأولى- كل القرارات الخاطئة في أثناء توليه منصب رئيس وزراء فرنسا من عام 1940 فصاعداً.

إذ أصبح بعد هزيمة فرنسا في الحرب العالمية الثانية، يرى السلام مكافئاً للاحتلال والتعاون مع العدو (خضعت حكومة بيتان للاحتلال الألماني لفرنسا، بشكل كبير).

ولكن تاريخ تشرشل يبدو مختلفاً.

لكن، ماذا الذي جعل تشرشل مختلفاً؟ استمع لخطاباته خلال الحرب العالمية تعرف السبب

كان تشرشل على النقيض من بيتان.

لكن، ما الذي جعله «لا غنى عنه»؟

إنه الأمل، بالتأكيد، بالإضافة إلى قدرته على إظهار التصميم بوضوح وقوة.

إذ لا يزال بإمكان تسجيلات خطاباته خلال الحرب العالمية الثانية أن تثير القشعريرة في جسدك.

تشرشل في خطاب أثناء الانتخابات/wikimedia

وفي النهاية، يُلخص روبرتس الإنجاز الكبير الذي حققه تشرشل في جملة واحدة: «لم يكن هذا الإنجاز هو أنَّه أوقف الغزو الألماني… بل إنه منع الحكومة البريطانية من عقد السلام».

فقد كان الضعف البريطاني يمكن أن يدفعها لإبرام سلام مهين مع هتلر، ولكن صمود تشرشل أتاح الوقت لبريطانيا، إلى أن تغيرت الأحوال.

اتضح أنَّ هذه هي حقيقة الأمر؛ فبعد الفوز في معركة بريطانيا، ودخول الروس أولاً ثم الأميركيين في الحرب، علم تشرشل أنَّ «الوقت والصبر سيمنحانه انتصاراً مؤكداً».

لكنَّ ذلك كان يعني أيضاً هبوط بريطانيا تدريجياً إلى المرتبة الثانية، إن لم تكن الثالثة من حيث القوة، بعد أن دخلت بريطانيا الحرب كأعرق القوى العظمى في العالم.

باختصار، وبعد خسارة نحو ربع ثروتها القومية بسبب الحروب، أصبحت بريطانيا هي القوى العظمى الثالثة خلف الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وكانت تُفلس فعلياً.

وهكذا ينتقل مجد العالم من قوى عظمى إلى أخرى!

والكاتب يبدو معجباً بتشرشل إلا في هذا الموقف الذي يرتبط بستالين

يروي روبرتس هذه القصة بأسلوب قوي وواثق. إنَّه يكتب بأناقة، مع ومضات ممتعة من النقد اللاذع، وبتمكن كامل من مصادره وعلم التاريخ الواسع. ورغم كونه كتاباً مكوناً من 1000 صفحة، لا توجد فقرات مملة به.

يبدي روبرتس إعجابه بتشرشل في كتابه، لكن دون تملق.

وفي كثيرٍ من الأحيان، يترك روبرتس الجدالات المختلفة أمام القارئ، حتى نتمكن من استخلاص استنتاجاتٍ مختلفة عن استنتاجاته.

تشرشل مع الرئيس الأميركي روزفلت والزعيم السوفيتي ستالين خلال مؤتمر يالتا/wikipedia

وبصفته واقعياً محافظاً في الأساس؛ فإنَّ الكاتب يرى الخلافات السياسية والعسكرية من عدسة فن الممكن.

لكنَّه اتخذ موقفاً معادياً في مناسبةٍ واحدة فقط، عندما قال تشرشل عن ستالين عام 1945: «أحبُّ ذلك الرجل».

إذ قال روبرتس بنبرةٍ حزينة: «أين كان تشرشل الذي رأيناه عام 1931، عندما استنكر أوامر الإعدام التي يصدرها ستالين؟».

ورغم أن الكتاب يبدو قديم الطراز، فإن طريقه عرضه للحرب والسياسة نقطة قوته

قد يجد البعض أنَّ نبرة روبرتس في الحديث عن السياسة والحرب قديمة الطراز وغامضة بالنسبة إلى النهج الذي اتبعه المؤرخ البريطاني هنري بيلينغ منذ نحو نصف قرن.

إنَ الكتاب غير متسق مع الكثير من أفضل كتب التاريخ البريطاني التي تُطرح اليوم، حيث نجح أمثال المؤرخين البريطانيين دومينيك ساندبروك وأور روزنبيوم وجون بيوم في مزج التاريخ الثقافي والفكري مع دراسة السياسات العليا.

لكن، من الحماقة أن نقول إنَّ روبرتس اتخذ قراراً خاطئاً بطريقة كتابته.

فهو مثل المؤرخ الإغريقي الشهير ثوسيديديس في عرض القرارات المتعلقة بالحرب والسياسة باعتبارها جوهر الموضوع.

وبأخذ كل هذا في الاعتبار، يمكن القول إن هذه هي أفضل سيرة ذاتية من جزء واحد كُتِبَت عن تاريخ تشرشل حتى الآن.

مالا تعرفه عن "هيدروكسي كلوروكين" المستخدم لعلاج كورونا

ما هو "هيدروكسي كلوروكين"؟ فيما يحارب العالم فيروس كورونا بكل الوسائل الممكنة لمنع تفشيه، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب...